15 Jun 2016
أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2015 لأزمة المياه العالمية كأكبر تهديد سيواجه كوكبنا خلال السنوات العشر القادمة. سوف تؤثر أزمات المياه على السكان والاقتصاديات في كل من البلدان المتقدمة والنامية بدءًا من جفاف المناطق الزراعية الأكثر إنتاجية في العالم إلى ضعف الحصول على المياه الصالحة للشرب لمليارات البشر. وفي الحقيقة تشير الأرقام الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة للمياه أنه بحلول 2025 قد يعيش ثلثي سكان العالم في ظل ظروف الإجهاد المائي وأن 1.8 مليار شخص سوف يعيشون في بلدان وأقاليم تعاني من ندرة مطلقة في المياه.
يمثل القطاع الزراعي 70% من الاستهلاك العالمي للمياه وتمثل الصناعة 20% أخرى من استهلاك المياه فيما يشكل الاستخدام المنزلي نسبة الطلب 10% المتبقية. ومع ارتفاع عدد سكان العالم وتزايد الزراعة فإن الصناعة والمدنية تقودان الطلب على استخدام المياه في جميع المجالات. وحاجتنا الملحة للحفاظ على المياه على جميع المستويات جلية. ومعظمنا في الدول المتقدمة على معرفة بمبادرات محلية وإقليمية ووطنية تشجعنا على الحفاظ على المياه. سوف تحتاج كل قطاعات الزراعة والصناعة إلى الابتكار لإيجاد سبل للحد من الطلب على مصادر المياه العالمية.
تستثمر الصناعة بكثافة في تطوير تقنيات وعمليات تمكنها من خفض الحاجة للمياه في العمليات الصناعية والتصنيع وكذلك لتمكينها من إعادة تدوير فعالة للمياه. ويقوم قطاع صناعة الألبان بدور رائد في التوجه ليصبح محايدًا في استخدام المياه. وبالنظر إلى أن المياه تمثل حوالي 85% من الحليب فهناك إمكانية هائلة لاستعادة المياه الموجودة في الحليب لتوفير معظم احتياجات المياه إن لم تكن كلها في منشأة تصنيع الألبان. لا يُهدر شيء ومن ثم ينخفض الطلب على المياه العذبة وكذلك تصريف النفايات على حد سواء.
قام أحد أكبر مصنعي الأطعمة العالميين بتركيب محطة تصنيع ألبان منعدمة استخدام المياه في المكسيك وهو الأمر الذي وفر 1.6 مليون لتر من المياه سنويًا. ويستثمر نفس المُصنع الآن في منشأة ألبان أخرى بدون استخدام مياه في الولايات المتحدة والتي يُتوقع أن توفر حوالي 63 مليون جالون من المياه سنويًا. خلال عام 2015 سحبت مصانع الشركة في جميع القطاعات وليس فقط قطاع الألبان نسبة 41.2% أقل من المياه لكل طن من المنتجات بالمقارنة بالنسبة من 10 سنوات ماضية. والهدف القادم لعام 2020 هو تحقيق خفض شامل لسحب المياه بنسبة 35% بالمقارنة مع عام 2010.
في نيوزيلندا، تستخدم ثلاث مصانع للحليب المجفف شيدتها GEA لصالح شركتي فونتيرا وياشيلي المياه المستعادة من تبخير الحليب لتوفير كل من مياه المعالجة ومياه الشرب. ولدى منشآت استعادة المياه هذه القدرة على توفير من 800 متر مكعب إلى 5,000 متر مكعب من المياه المستعادة يوميًا وذلك مع معدل استعادة يبلغ 90%. محطات الاستعادة تعمل آليًا بالكامل ولا تحتاج إلا لإشراف مهني عند التنظيف بمعدل كل 48 ساعة تشغيل.
يعد الحفاظ على المياه التزامًا أساسيًا لشركة فونتيرا. على سبيل المثال خلال السنة المالية 2013-2014، انخفض استخدام المياه في عمليات الشركة الأسترالية بنسبة ثمانية بالمئة لكل طن إنتاج وبنسبة اثنان بالمئة للطن في مواقعها في نيوزيلندا. كما يتميز موقع شركة فونتيرا في دارنوم بأنه ذو كفاءة مائية ويمكن له إعادة استخدام المياه عند تصنيع الحليب المجفف الكامل والخالي من الدسم.
وعلى سبيل المثال، فأحدث مصنع من مصانع ياشيلي لحليب الرضع في بوكينو، يسحب الحد الأدنى من المياه من المصادر الخارجية. بفضل التقنية التي تقدمها GEA، تستخلص الشركة معظم المياه الضرورية لتشغيل المصنع من الحليب الطازج أثناء التصنيع. وهذا يحافظ على خفض الأثر البيئي وتكاليف التصريف.
بفضل عقود من الخبرة الصناعية والتقنية في قطاع صناعة الألبان، فتعد GEA رائدًا عالميًا في توفير أنظمة الترشيح المستخدمة في استخلاص المكثَفات وإعادة استخدامها في مرحلة التبخير الخاصة بتصنيع الألبان. وتعد تقنيات إعادة تدوير المياه التي يمكن استخدامها في التنظيف وفي العمليات الأخرى التي لا تلامس المنتجات أثناء المعالجات الصناعية دقيقة نسبيًا وذلك وفقًا لشركة GEA والتي عملت مع شركة فونتيرا على تصميم منشآت الحليب المجفف المذكورة وتجهيزها وإنشائها. يتم تجميع المكثَفات والذي يعرف باسم "مياه البقر" من منشأة التبخير ومن ثم يُطهر من خلال محطة تناضح عكسي عالي الضغط تستخدم الأغشية لترشيح الملوثات والعناصر الذائبة غير المرغوب بها في المكثَف. قامت GEA بتركيب أكثر من 100 محطة تناضح عكسي حول العالم.
تحتاج إعادة التدوير إلى خطوات إضافية إذا ما كانت المياه المعاد تدويرها سوف تستخدم في المنتج نفسه. تُنفذ معالجة بالكربون لإزالة الروائح الكريهة وتستخدم معالجة بالأشعة فوق البنفسجية وثاني أكسيد الكلور لإزالة الملوثات. ثم تُضاف الأملاح المعدنية لجعل المياه أقل تعارضًا لأنظمة المحطة. وتتطلب هذه العملية المعقدة الشاملة تصميمًا مناسبًا للمحطة والتي يمكن معه دمج مراحل معالجة المياه الإضافية داخلها بكفاءة.
يمكن تنقية المياه المعادة باستخدام هذه التقنيات لتلبية معايير منظمة الصحة العالمية الخاصة بمياه الشرب ومن ثم يمكن استخدامها في مجموعة واسعة من العمليات في مصنع الألبان مثل الشطف النهائي وتنظيف الخزانات والأنابيب بل وحتى كمكون في المنتجات النهائية. تشتمل تقنية GEA على خزانات وأنابيب تلبي متطلبات النظافة الخاصة بمعالجة المياه المستخلصة ومن ثم يكون نظيفًا بما فيه الكفاية ليلامس المنتج.
حتى مع استخدام أحدث التقنيات والأنظمة لتنقية المياه المستخلصة من العمليات الصناعية، فقد لا يكون من الممكن دائمًا تنقية جميع المياه المستعادة بشكل كافي أو مناسب من حيث التكلفة وذلك للوصول إلى تحقيق المعايير التي تسمح باستخدامه في المعالجات. وبالرغم من هذا، فقد تكون هناك بعض الاستخدامات لهذه المياه سواء لري الحدائق أو للمراحيض. كل جالون من المياه المكررة يُستخدم سوف يقلل من عبء إمدادات المياه للمنشآت.
من المجدي تمامًا من وجهة نظر تقنية وهندسية إمكانية إنشاء جميع مصانع الألبان الجديدة لتتمكن من دمج تقنيات حفظ المياه وتكريرها وهو ما يمكنهم من استخلاص جميع المياه المطلوبة من الحليب الذي يصنعونه ومن ثم تحد من الطلب على المصادر الخارجية. كما يمكن استخدام تلك التقنيات في المصانع القائمة وذلك بعد دراسة متأنية للمصادر المتاحة والمحتملة للاستخدام داخل المصنع. وبينما يجري تطبيق مبادرات إعادة استخدام المياه بنجاح كبير في قطاع الألبان، فقد يكون من المجدي استخدام نفس التقنيات أيضًا في القطاعات الأخرى من صناعة الأطعمة والتي تتطلب كميات كبيرة من المياه للتصنيع.
ويعلق سوامي سودارام مدير إنتاج GEA والترشيح الغشائي. "بما أن مصادر المياه آخذه في الندرة، فقد كانت صناعة الألبان في طليعة جهود الحفاظ عليها" "منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما تم تركيب أول محطات أغشية لاستعادة المياه من مبخر المكثَفات واستخدامها، فقد أصبحت هذه التقنية سمة مشتركة لجميع المنشآت الجديدة. كما سهلت تركيب مرافق الإنتاج الكبيرة حتى في المناطق المجهدة مائيًا مثل غرب الولايات المتحدة "
حسب لجنة الأمم المتحدة للمياه فخلال القرن الماضي تضاعف الاستخدام العالمي للمياه ضعف معدل النمو السكاني. ولذلك فضرورة الحفاظ على هذا المورد الثمين تصبح أكثر إلحاحًا. تفخر GEA بتقديم خبرتها العملية والهندسية كرائد في تطوير أنظمة وحلول وتقنيات متينة وفعالة وسليمة بيئية من أجل مصانع منعدمة استهلاك المياه في العمليات الصناعية.
في الوقت الذي تزايد فيه إنتاج الألبان العالمي خلال العقود القليلة الماضية، كانت GEA في طليعة تقنية تصنيع الألبان.